القرآن الكريم ووسائط النّقل
ذكر الله تعالى في كتابه العزيز وسائط النّقل حيث قال تعالى :
" والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون " ( النّحل )
" وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلّا بشقّ الأنفس إنّ ربّكم لرؤوف رحيم "( النّحل )
" والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون " ( النّحل )
فالخيل والبغال والحمير والأنعام كالإبل وغيرها كانت وسائط النّقل التي استخدمها الإنسان منذ نشأته على الأرض ، ولا تزال إلى يومنا هذا تستخدم في أماكن مختلفة وإن قلّ استخدامها بسبب وسائط النّقل الحديثة كالقطارات والطّائرات والسّيارات وغيرها التي سهّلت على النّاس نقلهم ونقل حاجاتهم المختلفة بسهولة وبسرعة ، هذه الوسائط لم يحلم بها الإنسان القديم ومع ذلك فالآية المذكورة أعلاه قد أشارت إليها بقوله تعالى ( ويخلق ما لا تعلمون ) .
وهنا يمكن أن يرد السؤال التالي : إنّ هذه الوسائط الحديثة قد صنعها الإنسان فكيف نفهم قوله تعالى : ( ويخلق ما لا تعلمون) ؟ والجواب : إنّ الله عزّ وجلّ قد خلق الإنسان وجعله عاقلاً ثم سخّر له الحديد والبترول والمعادن وغيرها وهداه إلى معرفتها والكشف عنها والاستفادة منها ، قال تعالى :
" وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للنّاس " ( الحديد )
كما أنّ القرآن الكريم قد أشار إلى الثروات الباطنية الموجودة في باطن الأرض .
" وله ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثّرى " ( طه )
" وعلى الله قصد السّبيل ومنها جائر ولو شاء الله لهداكم أجمعين " ( النّحل )
وعلى الله قصد السبيل أي أنّ الله تعالى تكفّل بوسائط النّقل التي تساعد النّاس في كل زمان لقطع المسافات والوصول إلى الأمكنة المقصودة بحيث تتناسب هذه الوسائط مع تطوّر عدد السكّان حيث أنّ الوسائط القديمة لا يمكن أن تلبّي اليوم حاجات النّاس الذين أصبح عددهم بالمليارات ولو شاء الله تعالى لهدى كلّ النّاس إلى جميع الوسائط بأنواعها المختلفة والعديدة دفعة واحدة .
إذاً هذه الوسائط الحديثة التي صنعها الإنسان وهي من خلق الله وننعم بها اليوم ليست في حقيقتها أفضل من الوسائط القديمة المعروفة فهي تنذر بالخطر العظيم على الأرض والبيئة ، فالنفايات الغازية النّاتجة عنها إذا بلغت في الجو نسبة معيّنة يتعذر على الرئتين التخلّص منها فتسبب أخطاراً على حياة الإنسان وصحّته ، بينما الوسائط القديمة فإنّ ما يخرج منها وينتج عنها يشكّل سماداً طبيعيّاً للأرض كما يستفاد من لحمها وجلدها وصوفها " فتبارك الله أحسن الخالقين " ( المؤمنون )
وخلاصة القول فإن الأجيال السابقة منذ آلاف السّنين قد استخدموا الوسائط القديمة التي هي في نظرنا اليوم متخلّفة حضاريّاً دون أن يسببوا أي أذى للبيئة أو للصحّة العامّة , أمّا نحن في هذا العصر فإنّنا نستخدم الوسائط الحضاريّة الحديثة للنّقل ولكن على حساب صحّتنا وصحّة الأجيال القادمة . وليس المقصود هنا أن نترك الوسائط الحديثة فعجلة التقدّم والتطوّر لا يمكن لأحد أن يقف في وجهها ولكن علينا أن نفكّر بسلامة البيئة .
من كتاب "خواطر علمية من كتاب الله تعالى"
لمؤلفه محمد صفوح الموصللي
دمشق
|
المصدر: مُجتمع فلسفةة إحساس